" جرائم الذنب "
صفحة 1 من اصل 1
" جرائم الذنب "
إن الحمد لله والشكر لله ، باسمه نبدأ وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله رسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وبعد
إن الانسان خطاء بفطرته ، لأن الكمال لله وحده و أن الفطرة التي خلق الله الانسان عليها هي فطرة الخير والميل إلى الاسلام وعبادة الله الواحد الاحد ، ربي وربكم ورب كل شيء ، كما ذكرنا أن تلك الفطرة قد تتبدل على مدار عمر الانسان وعليها ، فنحن نتبدل ونخطيء ولكن الله من علينا في المقابل برحمته وتوبته الخالصة لوجهه سبحانه
والانسان طالما هو خطاء ، فهو يرتكب الذنوب ليحق عليه فعل الخطأ ، والذنب هو ما يقوله ابن أدم ويفعله مخالفا لما أمر الله به ورسوله ويقطعه عن طاعة الله وتحقيق الخير والذنب الذي يقع فيه ابن ادم إما كبر وإما صغر ولله الامر من قبل ومن بعد في غفرانه ان شاء أو المجازاة به ، وما ربك بظلام للعبيد
وإن من الذنوب جرائم ، تمسك بتلابيب ابن ادم وتلهيه عن الدين وتزين له الدنيا وتظهر تلك الذنوب في أربعة درجات ومنازل ، ولكن قبل أن نبينها نود لفت الانتباه إلى أن الذنب هو ظلم للنفس وبالتالي يوصف المذنب بأنه ظالم ... ولكن لمن ظلم ؟
إن الظلم يأتي على نوعان هما ظلم للنفس وظلم للغير
والذنب هو في أوله وأخره ظلم للنفس ، ومن ثم ظلم للعباد كما سيأتي بيانه
أما كون العبد ظالم للنفس فهو ظالم لنفسه على صورتين هما : الكفر - والعياذ بالله - ، والمعصية ، أما الكفر والعياذ بالله فقد ظلم به الانسان نفسه وخالف فطرة خلق الله له وحاد عن طريق الحق وملة الاسلام وجزاؤه خزي في الحياة الدنيا وفي الاخرة يخلد في العذاب العظيم
أما المعصية فكلنا يأتيها ولكن على قدرها فمنها المتجبر ومنها القليل ، والفجور في المعصية هو من أشد صور ظلم النفس كما أنه القليل منها هو ظلم أيضا للنفس ولكن المعصية هي اقل وطأة من الكفر وإن كانت تلك قد تؤدي لهذه إن غفلنا وطالت غفلتنا وخرجنا عن كنف الله عز وجل
أما ظلم المذنب للعباد ، والمخلوقات ، فقد قال مجاهد : - رحمه الله - : إن البهائم تلعن عصاة ابن أدم إذا اشتدت السنة وأمسك المطر وتقول هذا بشؤم معصية بني أدم ... وفي الحديث والرواية عن السلف والقصص أن بنى اسرائيل منع الله عنهم المطر وفيهم موسى لمدة أربعين سنة بشؤم معصية أحدهم وكان لم يترك ذنبًا ولا معصية إلا فعلها
ويقول صلى الله عليه وسلم : " وإن العبد الفاجر إذا مات ، يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب " ... مختصر مسلم
وأعلموا أنه ما من شر ولا بلاء إلا سببه الذنوب والمعاصي وما ظهرت المعاصي في ديار إلا اقحطتها ، ولا تمكنت من قلوب إلا أعمتها ، ولا فشت في أمة إلا أذابتها ، فيهون العبد على ربه فترفع مهابته سبحانه من قلوب خلقه العاصين ، حيث قال جل وعلا " ومن يُهن الله فما له من مكرم " .. الحج 18
والذنب بعد الذنب يقطع طرق الطاعة ويصد عن سبيل الخيرات وتتحول العافية ويستجلب سخط الله ، فبالمعاصي تزول النعم وتحل النقم ، وبسببها تتوالي المحن وتتداعى الفتن
"أما عن درجات الذنب وجرائمه فهي على صور أربع :
1- الخروج من عصمة الله ...حيث أننا كما قلنا أعلاه أن الانسان في فطرة الله يعصمه عن الدنيا وعن الذنب ، فإذا اختار العبد مخالفة ذلك بالذنوب كان في الخزيان
ونود هنا أن نبين معنى التوفيق ومعنى الخزيان ، ففي ما قاله العلماء أن الخزيان من الله لعباده هو أن يترك الله عبده ويخلي بينه وبين الدنيا أي يتركه للدنيا دونما عصمة من فتنها فتتكالب عليه فتنها ومتاعها الزائل فينسى ربه ويهون على ربه وينال من الدنيا ما ينال من المعاصي واللهو والتكالب على أمورها ، أما التوفيق فهو المخالف لذلك حيث أن الله سبحانه وتعالى يقف حائلاً بين العبد والدنيا إلا في خيرها ويمنع عنه تكالبها وأمورها الساخطة والماجنة ويصيب منها ما قدر له من خير ونصيب فيها حلال لتكون له وسيلة تقربه من خير خاتمة وفوز عظيم في الاخرة
2- من درجات الذنب وجرائمه " الفرح بالذنب " ... حيث أن العبد لا يذنب فقط بل يفرح بذنبه فلا يستشعر كونه يفعل شيئًا قبيحًا حتى وهو على كامل اليقين - والكمال لله وحده - أن مايفعله ذنب ومعصية .. فيأخذه الشيطان ونفسه الامارة بالسوء إلى طريق الفرح بالذنب والغرور والاغترار به " أخذته العزة بالاثم " ، نعم انت ممتاز لقد استطعت أن تسرق ... انت مفيش منك .. قدرت أن تزني والعياذ بالله من هذا كله .. عافانا الله وإياكم وسترنا بحجابه المانع في الدنيا عن فتنها ، وعليها تزيد غفلة العاصي بذنبه 3-
3-والدرجة الثالثة في جُرم الذنب واستفحاله في نفس العبد هو الاصرار عليه حيث أن العبد يكون على يقين أنه يذنب ويعصي ربه لكنه لا يبالي سوى بإتمام معصيته والسير في كل طريق خلفها ومما يزيد الطين بلة أن الاصرار على الذنب يجر معه الكثير من الذنوب والبلاء فإصرار العبد على ترك الصلاة يجذبه إلى ترك الصوم وترك القرآن ومن ثم قد يسوقه ذلك لطريق الشيطان لأن حصونه خربة فيجره إلى مشاهدة الافلام الاباحية وشرب الحشيش والخمر وهذا يجره إلى الزنى فيجره هذا للسرقة ومن السرقة إلى القتل ... فيغوص في دوامة من الذنوب يعرف فيها أنه يغرق لكنه يأبى مد يده لينقذه الله بفضله ويصر على أن يتجرع من ماءها العكر
والدرجة الرابعة في الفجور وجريمة الذنب هو علم العبد مع إصراره أن الله يطلع عليه ...حيث أنه كان يعصي الله وهو في غفلة ولكن هنا يصل إلى درجة من التجبر والتجرأ على الله تبلغ كونه على يقين دون غفلة أن الله فوقه يراه ومع ذلك يثبت على المعصية ويفعلها وإذا ذُكر بالله تجرأ وتبجح أكثر فأكثر والعياذ بالله ، وما ينقص من عند الله شيئًا وما يضر الله في شيء سبحانه تعالى عما يصفون وهو الغني الحميد
اسأل الله أن لا ندرك ولا تدرك نفوسنا تلك المنازل ابدا من أولها إلى أخرها ولا ندركها من أقلها إلى أعلاها ... وإن كانت جميعها خسرانا مبينا ليس فيها علوا ... بل إن العلو والعزة في طاعة الله ، فاللهم ربنا إجعلنا في درجالت ومنازل التوبة والمغفرة والعباد الصالحين ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا نفعل في دنيانا إلا ماتحبه وترضاه و إن فعلنا غير ذلك على غفلة أو سهو أو جهل منا ، فبين لنا طريقنا بنور هداك وتب علينا انك أنت التواب الرحيم ذو العفو الكريم ... لك الحمد حتى ترضى .. ولك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
الموضوع مستقى معلوماته وفكرته عن الشيخ علاء سعيد في حلقة بعنوان جرائم الذنب - قناة الرحمة
وما أسألكم عليه من أجر ، إن أجري إلا على الله رب العالمين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى